مقال حول إنفلونزا الخنازير وآثاره على الاقتصاد العالمي.  كتبت هذا المقال في مايو لكن ما زال المرض مدوياً في العالم، وخصوصاً في البحرين.  نرجو الله أن يحمينا من آثار هذا الفايروس 

We’re all aware of the recent craziness surrounding the latest disease in fashion, swine flu (this appellation is cooler than plain H1N1!).  I don’t mean to be blase about it, and a lot of people have died, but I can’t help feeling that there’s something undirected, haphazard, random – about the way the media covers the issue.  One day we hear about it, the next day it’s gone from the headlines- until it rears its ugly head once more several weeks after.  Perhaps it’s a question of focus; the media can’t focus on too many topics at the same time.  Or perhaps it’s our fault that we do not follow these issues with more rigor?  As far as I can tell, most people who can afford it are interested in pure, raw, unadulterated consumption – the phrase I like is “sitting on their backsides and consuming greasy food and cheesy images.” (the late, marhum, Edward Said would certainly have something interesting to say about this.) 

Anyway, for those who can read Arabic, here is my article published in Aswaq Newspaper about the actual and potential economic impact of swine flu.  As a sensationalist device, I have somewhat mistitled the article as “the Symptoms of Globalization”, based on one mention of globalization in the article.  I am NOT against responsible and reasonable globalization; if it’s bound to happen, we might as well usher it in and stamp our character on it, instead by being taken over by it!

http://www.aswaqnews.net/ArticleNews.aspx?Id=154&IssueId=14

إنلوفنزا الخنازير: أحد أعراض العولمة؟ 

 السنة هي 1918. العالم يترنّح تحت وطأة الإنفلونزا الإسبانية، والتي قدّر عدد ضحاياها بـ 20 مليون إلى 100 مليون شخص، أي ضعف عدد القتلى جراء الحرب العالمية الأولى.  استمر الوباء حتى عام 1920، وحتى المناطق النائية مثل القارة المتجدمة الشمالية وجزر المحيط الهادئ لم تسلم من دماره.

ننتقل إلى سنة 1997، حيث توفي 6 أشخاص جراء إنفلونزا الطيور في هونغ كونغ، بعد انتشاره بين الدواجن؛ قامت السلطات يذبح 1.4 مليون دجاجة لتفادي انتشار المرض.  بين سنة 2003 و2007، اجتاحت إنفلونزا الطيور العالم، بادئةً من الصين المتكتمة على الوضع، ومستشريةً إلى آسيا والعالم؛  أصابت هذه الإنفلونزا 421 شخصاً وأدت إلى وفاة 247 منهم.  ولا ننسى وباء السارز، الذي ضرب العالم بين نوفمبر 2002 ويوليو 2003، مسبباً ما يقارب 8000 حالة عدوى و774 حالة وفاة.

 اليوم يقابلنا مرضٌ آخر من عائلة الإنفلونزا الحيوانية المنتقلة إلى البشر.  هذه المرة بدأت القصة في المكسيك، حيث أعلنت الحكومة هناك في الثاني من أبريل عن أول حالة إصابة، عبارة عن صبي في الخامسة من عمره في مدينة نائية في الريف المكسيكي.  ولم تفتأ التحذيرات من المرض تتوالى حيث صرحت (مارغريت تشان) مديرة منظمة الصحة العالمية في جينيف في التاسع والعشرين من أبريل: “في الواقع، البشرية بأسرها مهددة في قبل هذه الوباء المعدي.”

 كملاحظة تاريخية، ظهر مرض إنفلونزا الخنازير لأول مرة في الولايات المحتدة في 1972، حيث توفي عدد قليل من الناس وتمكنت الحكومة من إيصال المصل الحامي إلى ربع سكان البلاد.  ولكن في التاسع والعشرين من أبريل سجّلت الولايات المتحدة أول حالة وفاة نتيجة الإصابة بأنفلونزا الخنازير. 

 ولكن كيف لنا أن نتخيّل التأثيرات الاقتصادية لهكذا وباء؟  من الواضح أن الوباء الحالي، كسابقه من الأوبئة، سيكون له تأثير اقتصادي على العالم.  ولكن لنا أن نتساءل عن عمق التأثير ومقداره.  يبدو أن وقع المرض سيكون منوطاً كلياً بالتصرف البيولوجي للفيروس، من ناحية قدرته على تسبيب المرض ونقل العدوى من شخص إلى شخص وليس فقط من الحيوان إلى البشر.  ولكن الحريّ أن لا يستعجل المراقب في التخوّف من آثار الوباء الاقتصادية: قد يكون التأثير محدوداً جداً إذا تمكنت الدول من احتوائه والسيطرة عليه، خصوصاً وإنه تبيّن حتى الآن أن معظم الحالات خارج المكسيك غير مميتة، أضف إلى ذلك فعالية الأدوية المتوفرة (مثل دواء تامي فلو) في الحد من آثار المرض. 

 لكي نشكّل فكرة عن النماذج المتحملة لتداعيات الوباء، دعنا نبدأ بولاية تكساس، حيث قد يُربك المرض حجم الصادرات الضخم (62 بليون دولار في العام الماضي) إلى جارتها المكسيك، البؤرة المركزية للوباء.  إذا وُضعت عقبات أمام السفر والتنقل بين الدولتين الجارتين، لنا أن نتوقع الأثر على أعمال الولايات الأمريكية المجاورة للمكسيك والمُدن المكسيكية التي تُرسل الكثير من أبناءها عمالاً في الولايات المتحدة.  وقد يدفع المراقبَ الفضول إلى التساؤل عن الآثار المحتملة للوباء على تجارة المخدرات الصاعدة شمالاً إلى الولايات المتحدة وتجارة السلاح المُتحدّرة جنوباً إلى المكسيك: هل سيستطيع الفيروس فعل ما لم تقدر عليه قوات كلا الحكومتين ووضع نهاية ولو مؤقتة لنشاطات العصابات الحدودية؟   

حسب سيناريو تخيله ناريمان بهرافيش، اقتصادي في شركة (آي. ايتش. اس. غلوبال انسايت) للبحوث الاقتصادية، فإنه في حال تحول المرض إلى وباء بالمفهوم الطبّي (epidemic) في الولايات المتحدة (أي: تأثر 75 مليون شخصاً تقريباً ووفاة 100،000) سيؤثر ذلك على العرض والطلب مؤدياً إلى تراجع يستمر أقل من سنة ويؤثر بأقل من 0.5% في النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي (GDP: قيمة السلع والخدمات المنتجة داخل حدود دولة ما خلال سنة واحدة).  أما فالاقتصاديات النامية فسيكون التأثير مضاعف مرتين أو ثلاث مرات.

ولكن في حالة تحوّل المرض إلى وباء مُعدي (pandemic: وباء ينتشر في مناطق الواسعة، أو حتى العالم بأسره)، بحيث تكون الوفيات أكثر بأربع أو خمس مرّت من الحالة السابقة، فسيكون التأثير على إنتاجية الاقتصاديات المتطورة بحجم -2% إلى -3%.  في الولايات المتحدة فقط، قد نحصل على نسبة نمو سلبية، من -4% إلى -6%، بالإضافة إلى زيادة في البطالة.  وكل هذا متزامناً مع أسوء فترة في وضع الاقتصاد العالمي منذ عقود.  بالنسبة للاقتصاديات النامية، سيكون التأثير مدمراً – بمثابة انهيار اقتصادي حقيقي.

بالرغم من هذه السيناريو المخيف، يجب أن نلتفت إلى أنه غير وارد في الوقت الحالي.  في نفس الوقت، حتى مع انتشار أقل للمرض، يمكن أن نرى تأثيرات نفسية ذات عواقب مؤلمة.  في حالة وباء سارز الذي نفشّى في آسيا في 2003، شهدنا وفاة 800 شخص وتأثير نفسي بالغ على الاقتصاد؛ من ناحية أُخرى، قد نستطيع أن نسلّي أنفسنا في حقيقة أن التأثير كان مؤقتاً ومحدوداً.

 وترى شركة (آي. إيتش. اس غلوبال انسايت) في موقعها على الشبكة العالمية أنه نتيجة الاستعدادات لموجات مرضية سابقة مثل إنفلونزا الطيور، فأن خطط التعامل مع الأمراض المعدية وكمّيات الأدوية المتوفرة ستساعد كثيراً في وضع حد لانتشار الوباء الحالي (مثلاً، الولايات المتحدة أنفقت ما يقارب 6.2 بليون دولار منذ 2006 على خطط التعامل مع الأوبئة).  رغم ذلك، ينتاب المحللين قلق بشأن تأثيرات العدوى على عدة أصعدة عالمية.  أول ما قد يخطر على الأذهان هو اضطرار الكثير من الدول مثل الصين وروسيا وتايلند إلى وضع قيود تجارية على استيراد لحوم الخنزير، رغم تأكيد الأطباء أن المرض لا ينتشر عن طريق تناول اللحوم هذه.  وكل هذه يأتي متزامناً مع فترة قد تكون فيه الحكومات تحت ضغوط تطبيق إجراءات الحماية التجارية.  ويبدو أن الأسعار المستقبلية للحوم الخنازير في بعض الدول المنتجة ستكون، بطريقة غير طبيعية وغير معتادة، أعلى من أسعار السوق الحالية.

على صعيد التنقلات العالمية، لن يسلم قطاع السياحة والسفر من تداعيات المخاوف النفسية من الوباء.  الدول النامية، على رأسها المكسيك، تعتمد اعتماداً كبيراً على السياحة لتأمين مصدر مهم للعملة الصعبة.  العدوى تخلل من الثقة في الوضع الصحي للدول النامية، وقد تجعل الثري الغربي يفكّر ملياً قبل حزم أمتعته لقضاء رحلة في كنكنون ومنتجعات المكسيك الأُخرى.  في نفس السياق، نرى أسهم شركات الطيران في حالة هبوط في الأيام الأخيرة، خصوصاً مع إلغاء الكثير من المسافرين رحلاتهم إلى الولايات المحتدة بعد إصدار تحذيرات ضد السفر من قبل الإتحاد الأوربي ودول أخرى.  وفي فترة عانت فيها خطوط الطيران من أسعار الوقود غير المستقرة وانكماش أعداد المسافرين، صرّحت رابطة النقل الجوي الدولية (IATA) مؤخراً أنه من المتوقع تحسّن أوضاع النقل الجوي في الإثني عشر شهراً الآتية.  ولكن الهجوم المفاجئ للأنفلونزا الخنازير ستُشطب هذه التوقعات الإيجابية.  وإذا ألقينا نظرة سريعة على وباء إنفلونزا الطيور في 2003، شهد الاقتصاد العالمي خسائر قدرت بـ 33 بليون دولار، أي 0.1% من الناتج الإجمالي للعالم ذلك العام، رغم موت 1000 شخص فقط.  التأثيرات النفسية على شركات الطيران أدت خسائر تعدّت ألـ6 بليون دولاراً – و50% من عدد المسافرين خلال الأشهر الأولى من 2003.  وفي نفس السياق حذّرت شركة التقييم المالي (ستاندارد اند بورز) من هبوط محتمل لتقدير الكثير شركات الطيران، بنسبة 13% في بعض الحالات.

في خبر سيقلق بعض المراقبين في منطقة الخليج، فأن أسعار النفط شهدت هبوطاً إلى 50 دولار للبرميل تقريباً، بالمقاربة بـ 100 دولار للبرميل في العام الماضي، كما أنه حسب أرقام شركة (مك غرو-هيل) فقد ارتفعت كميات النفط المخزّن غير المستعمل (دليل على التباطؤ الاقتصادي) إلى أعلى نِسَبِه منذ 19 سنة، أي بمقدار 1.8 مليون برميلاً تقريباً.  بالرغم من ذلك، يبدو أن أسعار الطاقة ظلت مستقرّة نسبياً حتى في جو اقتصادي عالمي غير مشجع.  أرقام (ستاندارد اند بورز) تشير إلى أن أسعار البترول في 20 مدينة رئيسية انخفضت بـ 18.6%.               

 يبقى أن نشير إلى تأثير أخبار الوباء على نفسيات المتعاملين (أفراداً ومؤسسات) في أسواق المال العالمية، حيث نعلم أن السوق هي عبارة عن خلية كبيرة تتكون من وتتأثّر بكل فرد وشركة تتعامل فيها.  أثر الوباء بوضوح على أوضاع الأسواق في الولايات المحتدة، حيث انزلقت بعض المؤشرات بعدة نقاط ولكن ليس بطريقة تؤدي إلى دق ناقوس الخطر.  رأينا كذلك سلبية في الأسواق الآسيوية، ولكن بدون انهيار للأسواق، رغم هبوط سوق الأسهم في المكسيك (المعروفة بالـ “بولسا) بـ 3% تقريباً.  رغم تثبيط الوباء لروحية التفاؤل النسبية في السوق، يظل الأمل في انحسار المرض سريعاً وتحوّل تركيز المتعاملين إلى قضايا أُخَر.

ورغم تعدّد آلام الاقتصاد العالمي في هذه المرحلة، فأن مصائِبُ قومٍ عند قومٍ فوائد.  أعني شركات الأدوية متعددة الجنسيات التي قفزت أسهمها بشكل حادّ بسبب توقع ازدياد الطلب على الأدوية المناوئة للفيروسات.  لا ندري إذا كانت الحكومات مضطرة إلى طلب المزيد من هذه الأدوية، ولكن هذا لن يمنع شركات مثل (روش) السويسرية و(غلاكسو-سميث-كلاين) البريطانية من محاولة استغلال الوضع من أجل بيع المزيد من العقاقير.  شركات أُخرى مثل (نوفارتس) تسعي للحاق بالركب حيث أنه تعمل جاهداً على إنتاج مصل مضاد للفيروس.

 أخيراً يستطيع المراقب أن ينظر إلى هذا الوباء من عدة زوايا.  هل هو تعبير بيولوجي عن ظاهرة العولمة الاقتصادية والثقافية؟  هل هو بداية لكوارث صحية أُخرى قد تعصف بالعالم؟  أم هو مجرّد أحد السلبيات المتوقعة لانكماش النظام العالمي إلى ما يُشبه قريبة صغيرة؟  والسؤال الأخطر، هل سنجمع قوانا وهل سنتصرف بحكمة أكبر بالمقارنة بسنة 1918؟  وفي نهاية النهار، وعندما تخمد أغبرة الوباء، نصل إلى إدراك هذه الحقيقة:  عملية اللُحمة المتزايدة والتجانس في النظام العالمي الاقتصادي والثقافي هي في استمرار، سواء رضينا بذلك أم أبينا، وقَدَر العالم بأسره مُناط بهذه العملية، سلبية كانت أم إيجابية.  يبقى أن نحاول تفهّم الوضع الحالي والاستعداد لمستقبل تبقى معالمه غير واضحة.  

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*


*

You may use these HTML tags and attributes: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>